نادى جرين هيلز الشروق

حمامات السباحة “مسرطنة” بسبب الكلور الصينى وأندية لا تطبق المعايير

منذ 7 سنوات كان العالم على موعد مع البطولة الوطنية الأمريكية للسباحة في مدينة أنديانابوليس عاصمة ولاية إنديانا بالولايات المتحدة، حيث احتشد ما يقرب من 35 ألف من مشجعي الرياضة مستمتعين بالبطولة ومنافساتها، ليفاجئوا بانسحاب عدد كبير من السباحين المشاركين فيها بعد إصابتهم بمشاكل في التنفس وإحمرار العينين والصداع، نتيجة الكلور المستخدم في تنقية حمامات السباحة.

الأمر لم يقتصر على البطولة الأمريكية، وكان لحمامات السباحة في مصر نصيب كبير من هذه “الإصابات المائية”، وفي ظل عدم وجود رقابة من وزارتي الشباب والرياضة والصحة على نسبة الكلور المستخدم لتنقية مياه هذه الحمامات، ومدى توافقها مع النسب الصحية العالمية المقررة، يصاب عدد كبير من مرتاديها بمشاكل مرضية في الجهاز التنفسي والأذن والعين، إلى حد تسببها في الإصابة بـ “الصمم والعمى”.

تقرير يكشف وجود فيروسات في حمامات سباحة بعض الاندية:

وكشف جريدة “الدستور” في تحقيق استغرق شهرين كاملين، وجود فيروسات في مياه حمامات السباحة تصيب مرتاديها بأمراض مزمنة نتيجة استخدام شركات صيانتها مواد مطهرة غير صحية، على رأسها “الكلور الصيني” رديء الصنع، وزيادة نسبتها فى المياه عن الحد المسموح به وفقًا للوائح الحكومية والعالمية.

ورصد التحقيق عدم تطبيق المسئولين عن النوادي والمراكز التي توجد فيها هذه الحمامات، اللوائح الداخلية التي تنص على تغيير المياه كل فترة، وصيانة فلاتر الحمام، لعدم صلاحية استخدامها لفترىة طويلة، ما يسبب خطورة كبيرة على الصحة.

ونوثق فيما يلي من سطور شهادات ضحايا “الكلور الصيني” وغيره من المطهرات المستخدمة في حمامات السباحة، ونستمع لآراء خبراء الصحة والمركز القومي للسموم حول طبيعة هذه المواد ومدى خطورتها على الصحة، إلى جانب تعليقات من المعنيين، وعلى رأسهم وزارتي الصحة والسكان والشباب والرياضة.

1- الميكروبات تهاجم آذان ربيع وشيرين.. وأزمة صدرية تصيب “علاء الدين” بسبب الكلور

البداية عند “ربيع أحمد”، الشاب السكندري البالغ من العمر 25 عامًا، الذي رغم إقامته في محافغظة الإسكندرية الساحلية لا يستطيع السباحة وارتياد البحر، الأمر الذي دفعه للالتحاق بنادى الشيخ زايد الرياضى، لتلقي تدريبات على السباحة.

انتهى ربيع من أوراقه التي طلبوها، وبدأ التدريبات على السباحة بالفعل، ومرت حصتان بالشكل الأمثل حتى فوجيء بإصابته في أذنه، ومعاناته الشديدة من هذه الإصابة على مدار يومين.

ويقول عن تلك المعاناة: «لم اتحمل الألم من شدته، فقررت الذهاب لأحد الأطباء المسئولين عن الأمر، والذي أكد لي حدوث التهابات شديدة في الأذن نتيجة دخول ماء ملوثة بميكروبات تصيب الأذن مباشرة وتسبب لها حساسية شديدة»، ودعاه إلى ضرورة عدم التعرض لتلك المياه مرة آخرى، والمحافظة على أذنه، وعدم الاستحمام لعدة أيام، بل وتغطيتها جيدًا إن لزم الأمر.

ويضيف: «أخبرني الدكتور بوجود ميكروب نتيجة دخول أجسام ملوثة للأذن، وأعطى لي علاج ومضادات حيوية، حتى تحسنت بشكل جزئي لأضطر بعدها لإجراء حشو داخل أذني لكي نقضي على الميكروبات تمامًا»، مشيرًا إلى أن هذا الميكروبات منتشرة كالانفلونزا.

ويجزم ربيع بتأكده من عدم نظافة المياه في جميع حمامات السباحة بالنادي، ويقول: «دائما هناك توجس من مدى نظافة الحمام، خاصة وأنه كل ساعة تجري مجموعة جديدة التمرين، ما يؤكد استحالة أن تكون المياة نظيفة».

ويشير إلى أن الحماس الذي أبداه هو وزملاءه لتعلم السباحة تلاشى نهائيًا بمجرد إصابته، مضيفًا عن زملاءه: «محدش فيهم جاتله الحساسية الشديدة دي، أنا بس اللي تعبت، هما كانوا حاسين بصفير في الأذن فقط، وعدم القدرة على السمع بالشكل السليم».

ودفع ما حدث مع ربيع، إدارة نادي الشيخ زايد، لوقف النشاط في حمام السباحة منذ 3 مايو 2016، جراء شكاوى الأهالي ومرتاديه من الشباب والأطفال بعدم صلاحية المياه الموجودة في حمام السباحة، وهو ما أكده «الكابتن محسن» – اسم مستعار-، أحد مدربي السباحة في النادي قائلًا: «تأكدنا من وجود فيروسات وبكتيريا تصيب أذن الموجودين، وعدم مطابقة المياه للمواصفات القياسية لحمامات السباحة».

وتعرضت «شيرين أحمد» لنفس المشكلة التي تعرض لها ربيع، ولكن في نادي السكة الحديد، ما اضطرها للذهاب إلى طبيب متخصص، والذي أرجع الأمر إلى دخول مياه ملوثة بميكروبات للأذن.

تتذكر شيرين تلك الفترة التي وصفتها بـ «العصيبة» قائلة: «لم أستطع النوم، وكانت أذناي تؤلمني بشدة في اليوم الأول بعد الخروج من الحمام، ولم أستطع المقاومة سوى بأخذ كمية من المضادات الحيوية، وفي اليوم التالي ذهبت للطبيب الذي أشار إلى ضرورة إجراء تنظيف تام للأذن، وتناول مجموعة من الأدوية لمقاومة الميكروبات».

وتتابع: «قررت عدم الذهاب للنادي على الإطلاق، كنت متخيلة أن الحمام هناك مميز، لكن الطبيب أبلغني بعدم السباحة فيه مهما حصل.. لا أحد يهتم بأي تعليمات تعلق على مدخل الحمام، الحمامات عبارة عن سلطة بالبلدي، ومحدش عارف إيه اللي بيحصل فيها».

ولم يقتصر الأمر على «الإصابة السمعية»، فالشاب «محمد علاء الدين» أصيب بأزمة في جهازه التنفسي نتيجة استنشاقه كلور من حمام سباحة به نسبة أعلى من المصرح به، داخل نادي السكة الحديد أيضًا.

ويسترجع علاء الدين تجربته مع حمام السباحة بالنادي قائلًا: «حسيت في يوم وأنا نازل حمام سباحة نادي السكة الحديد، أن المياه رائحة الكلور فيها عالية جدًا، ومكنتش أعرف إن ممكن تعملي ضيق في التنفس».

وفى نهاية 2014، سادت حالة من الهلع حمام السباحة الأولمبي بنادي بتروسبورت بالتجمع الخامس أثناء تدريب السباحة إثر اصابة عدد من الأطفال باختناقات وقيء مفاجيء نتيجة لزيادة نسبة الكلور في مياه المسبح بشكل مفاجيء ، وفقا لشهود العيان.

وقال شهود عيان إنهم فوجئوا برائحة كلور نفاذة بشكل كبير تعبيء المكان فجأة فهرعوا إلي أطفالهم اللذين تعالى صراخهم داخل المسبح لما أصابهم من حالات اختناق وضيق في التنفس وقيء .

وقام المدربون على الفور بإخراج الأطفال من المسبح ونقل الحالات المصابة إلى المركز الطبي داخل النادي لتلقي الإسعافات اللازمة ، وسط ذهول وانهيار أولياء أمور الأطفال لما حدث لأطفالهم أثناء التدريب حيث تجمعوا خارج المسبح مطالبين المسئولين باتخاذ إجراء فوري حيال ما حدث .

و جدير بالذكر أن استنشاق الكلور يُمكنه التسبب في عدد من أنواع تضرر الرئة وتلف أنسجتها، وبناء على الكمية المستنشقة منه وتركيزها، فإن الإصابة تتراوح ما بين مجرد حصول تهيج في طبقة الأنسجة المخاطية للجهاز التنفسي، وبين تضرر الرئة إلى حد تجمع كميات كبيرة من المياه المرشحة في داخل أنسجة الرئة نفسها، التي يُمكنها بالتالي أن تتسبب في حصول حالة من فشل التنفس تتطلب الرعاية الطبية المركزة.

2- الاندية تزيد كمبة المطهرات والكلور عن المسموح خوفًا من “بول الأطفال”

أجرت جريدة “الدستور” جولات ميدانية في 3 أندية يوجد يها حمامات سباحة هي «الشيخ زايد» و«القاهرة» و«شباب الجزيرة»، لتفقد أوضاعها على أرض الواقع، وكشفت الجولات عدم التزام مسئوليها بشكل كبير باللوائح الرياضية والقوانين الصحية المنظمة لفحص المياه والفترة الزمنية اللازمة لتغييرها، واستخدام المواد المطهرة.

وتضمنت اللوائح الداخلية لحمامات السباحة في هذه الأندية بنود عديدة، لم تتطرق في مجملها إلى الفترة الزمنية اللازمة لتغيير المياه، وكان من بينها ما تم تدوينه على مدخل الحمامات في ناديي «الشيخ زايد» و«القاهرة»:

«الالتزام بالمايوه المخصص لحمام السباحة وغطاء الرأس، وأخذ دش قبل النزول للحمام، وعدم التدخين حول الحمام، عدم السماح للأطفال الأقل من ٦ سنوات بالنزول بدون ذويهم، وعدم الساح بنزول الأطفال بالحفاظات».

وبحسب اللائحة الداخلية لنادي «هيليوبلس» الرياضي، فأنه وتحت بند «الإشراف الصحي» ينبغي أن تتراوح نسبة الكلور المتخلف في المياه في أي وقت من ٠،٧ إلى جزء واحد في المليون طبقًا للمواصفات والشروط الصحية العالمية الخاصة بمياه حمامات السباحة، وأن تكون المياه قلوية بدرجة كافية بحيث لا يقل الرقم الإيدروجيني عن ٧ ولا يزيد عن ٨، ويجب أن يدل الفحص البكتريولوجي على عدم زيادة عدد البكتريا التي تنمو على الآجار في ١ سنتيمتر مكعب على ١٠٠، وأن تكون عينات المياه المختبرة لمزارع مخمرات سكر اللبن سلبية.

وينص قانون الصحة العامة لسنة ٢٠١٠، ولائحة الصحة العامة، على ضرورة التأكد من 3 أمور، أولها أن المطهر الرئيسي المستخدم في حمامات السباحة هو «الكلور» أو «البروم»، وثانيها التأكد من أن الحمام مجهز بنظام ضخ للمطهر، سواءً كان بصور تلقائية أو مستمرة على فترات محددة، إلى جانب نسبة الحموضة والقلوية المحددة.

ويقول «الكابتن محسن» – اسم مستعار لأحد مدربي السباحة بنادي «الشيخ زايد»-: «مدير الحمام الجديد أصبح يهتم بشكل كبير بالحمام، ويقيس المياة بشكل يومي، وهو ما كان غير موجود سابقًا».

ويوضح أن نسبة الكلور المحددة «غير المؤذية» ما بين ١ إلى ٢٪، مضيفا: «النسبة المضبوطة دايمًا بتكون ١.٥٪، ولو زادت مش أزمة»، لافتًا إلى أن زيادة نسبة الكلور «ممكن تسبب شوية حساسية واحمرار وحرقان في العين».

ورأى فائدة في زيادة نسبة الكلور، وقال: «النسبة لما بتزيد بيكون ده مفيد علشان الأطفال اللي ممكن تتبول في المياه بدون علمك، كما أن الكلور والمواد الكيميائية اللي بتتحط بتمنع انتقال الأمراض بين الناس وبعضها، لأن هناك بعض الناس لديها أمراض جلدية وبعضهم لا يعتني بنظافته الشخصية».
ويتابع: «الفترة اللي فاتت الصحة كانت مرخمة شوية، ولم يكن هناك وفاق بينهم وبين مجلس الإدارة وشركة الصيانة، وهو ما أغلق الحمام لفترة من الوقت»، مشيرًا إلى أنه «مستحيل تقدر تسيطر على كل الناس اللي في الحمام».

3- القومي للسموم: «الكلور» يصيب بالربو والعقم وينتج مادة مسرطنة

يربط الدكتور محمود عمرو، مؤسس المركز القومي للسموم بجامعة القاهرة، الأزمة، بتلوث مياه نهر النيل من الأساس، وما تمر به من مرور بمحطات النقل حتى الوصول إلى حمامات السباحة، ويقول: «لو خرجت المياة سليمة من نهر النيل لما احتجنا زيادة نسبة الكلور بهذا الحد المرعب».

ويوضح أن «الكلور» ومشتقاته مثل «الكلورامين» و«أكسيد الكلور» هي مواد سامة، لها تأثيرات غير عادية وحادة على صحة الإنسان، لافتًا إلى أنه يُحدث تسممًا في خلايا الجسم، ويزيد من نسبة الكوليسترول في الدم، ما يؤدى إلى مشاكل في شرايين القلب مثل تجلط الدم، إلى جانب قدرته على قتل الحيوانات المنوية، مضيفًا: «إذا مات تم إجراء دراسة علمية وصحية على السباحين سيتم اكتشاف أن الحيوانات المنوية لديهم أقل من المواطنين العاديين أو أن حيواناتهم المنوية غير منتجة».

أضرار الكلور الزائد في حمام السباحة:

ويعدد «القومي للسموم» مشاكل الكلور المستخدم في تنظيف المياه، وأولها إصابة الجهاز التنفسي بمشاكل الربو والحساسية، وإدماع العينين والكحة وآلام الصدر، بل والتهاب الرئة والالتهاب الشعبي وقصر النفس عند التعرض إلى المادة لفترة طويلة، إلى جانب اتحاده مع بعض الملوثات العضوية لينتج مادة «الكلوروفورم»، وهي مادة مسرطنة.

ويشير إلى أن الكلور له آثار سلبية على البشرة والشعر، والاستحمام والاغتسال بماء مضاف عليه تلك المادة يقود عادة إلى إحمرار الجلد وفروة الرأس، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من الحساسية، ويدمر البروتين في الشعر ما يجعله جافًا.
وينوه إلى ضرورة معرفة الفيروسات الموجودة في المياه حتى نتمكن من القضاء عليها، لكن ما يحدث هو أنه عند رؤيتنا لتغير بيولوجي في المياه يتم زيادة ضخ الكلور، ومع زيادته يتصاعد غاز الكلور من المياه، وهو غاز سام أيضًا ومثير للغشاء المخاطي، فتتاثر العين والأذن والشعب الهوائية، وتدريجيا يتحول الإنسان لمصاب بالربو.

ورأى عمرو أن أجهزة الجهات المسئولة عن تحليل المياه غير دقيقة، ولا تمتلك هذه الجهات الإمكانيات التي تحدد التلوث في المياه بشكل سريع ودقيق، مضيفا: «أتمنى يخرج حد ويكذبني أو يعدل من الأمر، معندناش الأجهزة اللي منها نحدد التلوث بشكل سريع، لازم يكون هناك أجهزة تعرف ده بشكل وقتي مثل قياس درجة الحرارة».

ويلفت إلى أن الفلاتر الموجودة أسفل حمامات السباحة تزيل الرواسب الموجودة في المياه فقط، لكنها لا تستطيع إزالة الفيروسات والأجسام الغريبة منها.

4- شركة صيانة: نستعين بمواد تطهير صيني.. “لأنها أرخص”

يشدد المهندس أحمد درويش، من شركة «كنزي لصيانة حمامات السباحة» على ضرورة معالجة مياه حمامات السباحة بشكل دوري حتى لا يتعرض مستخدمو الحمام لمشاكل صحية تكون غالبيتها في العين وحساسية الجلد، لافتًا إلى أن زيادة نسبة الكلور والحامض المستخدم في تنقية وتطهير المياه عنة النسب المسموحة يسبب بعض مشاكل التنفس بالنسبة للأطفال.

ويضيف درويش: «ينبغي على أي نادي أو شخص لديه حمام سباحة أن يتعاقد مع شركة لإجراء تنظيف دائم للمياه، ويكون الحمام صالحًا للاستخدام، وذلك ليومين أسبوعيًا».

ويشير إلى أن شركته التي يعمل بها تحصل على مبلغ ٦٠٠ جنيه شهريا مقابل زيارتين كل أسبوع، على أن يتحمل صاحب الحمام تكاليف المواد الكيميائية التي تصل إلى ٢٠٠ جنيه تقريبًا كل أسبوع للحمام الصغير.

ويكشف المهندس أحمد عربي، بالشركة ذاتها، أنها لا تستخدم سوى الكلور بنسبة ٩٠٪، مع إمكانية إضافة مادة «الفلوك» عندما يكون الحمام «مشبّر» أي ملئ بالشوائب، لافتًا إلى أن الحمام الصغير من الممكن أن يستهلك ما بين نصف إلى كيلو كلور، يتحمل ثمنه صاحب الحمام، لأنه متغير السعر بشكل دائم، فأحيانا يصل سعر «الكلور الصيني» الذي نستخدمه إلى أكثر من ٥٠ جنيه، بينما يصل سعر «الكلور الأسباني» إلى ٧٠ جنيه تقريبًا، والفارق بينهم نسبة التركيز.

وعدّد عربي الإجراءات التي يمكن من خلالها الحفاظ على صحة مرتادي حمامات السباحة والتي تتضمن: «فحص التركيب الكيماوي للمياه خلال فترة الصيف التي يتم استخدام الحمام فيها بشكل كثيف، وتنظيف جميع أدوات السباحة والفلاتر والمضخات وتعقيمها بشكل دائم، ومراقبة مستوى المياة من فترة إلى آخرى، ومراقبة مستوى الكلور وفحص نسبته بشكل دائم حتى لا يزيد عن الحد المسموح، وصيانة الفلاتر والتأكد من أنها تعمل بشكل جيد، وتدوير المياه وتكريرها بشكل يومي، والحفاظ على التوازن الكيماوي لها، وتخزين المواد الكيماوية التي تستخدم في التنظيف والتعقيم في مكان بارد وجاف دون التعرض للشمس، وتفريغ الحمام بشكل كامل كل فترة، وتنظيف الأرضية والجدران وتعبئته مرة آخرى».

5- «الدستور» تحلل «الكلور الصيني»: النسبة مركزة 95%.. وخبير: تسبب الفشل الكلوي والسرطان

في شارع الجيش بوسط القاهرة المعروف في الأوساط الشعبية بـ «شارع الكيماويات»، كانت الأرجل تتسابق للوصول إلى آخره، وبعضهم يبحث مثلنا عن «الكلور الصيني» بعد التأكد من أنه هو المادة المستخدمة في تنقية حمامات السباحة.
الوصول لـ «لكلور الصيني» مباح وسهل للغاية، وذلك داخل 5 محال لبيع المواد الكيميائية زارتها «الدستور»، تفاخر أصحابها جميعًا بجودة الكلور لديهم، وبتامل جهات كثيرة معهم لشراءه واستخدامه في تنظيف وصيانة حمامات السباحة.
واشترى محرر «الدستور» عبوتين من الكلور السائل وأقراص الكلور الصلب، والغريب أنه لم يكن مدون عليها تاريخ الصنع أو اسم الجهة المصنعة، قبل إرساله لمعمل التحاليل الدقيقة التابع لكلية العلوم بجامعة القاهرة، والذي رد بأن «نسبة الكلور المركزة في العينة تقارب ٩٥٪».
عرضنا نتائج التحاليل على عدد من أساتذة الكيمياء في عدة جامعات مصرية، من بينهم الدكتور سيد زهران بالمركز القومى للبحوث، والذي قال إنه «لابد وأن يكون الكلور معلوم المصدر، لكى يمكن الرقابة عليه وعلى الجهة المصنعة».
ويوضح زهران أنه في حالة كون الكلور مجهولا، يحتمل أن يكون به مادة قاتلة للخلايا الحية، ويضيف: «أمامنا احتمالان، أن يكون مغشوشًا وفي هذه الحالة تنقل المياه الميكروبات والأمراض خلال تواجد الناس في حمامات السباحة كونه غير مفيد ولا يؤدي دوره في التعقيم الأمثل، والاحتمال الثاني الأشد خطورة، في حال ارتفاع النسبة -كما هو موجود في التحليل-، سيؤثر على بشرة جميع المتواجدين في الحمامات، وقد يسبب السرطان».
ويضيف: «الخطر الأكبر على الأطفال، الذين يمكن أن يتبتلعوا جزءً ولو صغيرًا من مياه حمامات السباحة، وبالتالي يتعرضون لخطر الأغصابة بالفشل الكلوي حال ازدياد نسبة الكلور».

6- الشباب والرياضة: الصحة تكتفي بتحليل المياه وتتجاهل الكلور في الخزان

تشير إحصائيات وزارة الشباب والرياضة خلال إصدارها الدوري الأخير فى 2016، إلى أن حمامات السباحة التابعة للمجلس القومي للرياضة تقدر بـ ٢٤٩ في المحافظات، بينما يتواجد ٤٧ حمام سباحة تابعة للمجلس القومي للشباب، بإجمالي 296 حمام سباحة، فضلًا عن ٣٢٣ حمام سباحة بين إوليمبي وغطس وتدريبي وترفيهي قي المنشآت الرياضية في الجمهورية، ليصل المجموع التابع للوزارة إلى ٦١٩ حمام سباحة.
وقالت المهندسة راندا جمال الدين، مدير عام المنشآت الرياضية بالوزارة، إن القطاع عندما ينفذ حمامات سباحة فأن ذلك يتم وفقًا للمقاسات العالمية، فالحمام الأوليمبي يكون بمقاسات ٥٠ متر في ٢٥ متر، والتدريبي ٢٥ متر في ١٢ ونصف، مشيرة إلى أن عدد فلاتر التنقية الموجودة في الحمام تكون حسب حجم المياه به، فالتدريبي يحتاج فلترين من الحجم الكبير، والأوليمبي يحتاج إلى 4 فلاتر من نفس الحجم، كما أن حجم المياه يحد نوعية الكلور، والذي من الممكن أن يكون غاز أو بودرة أو سائل.
وقال المهندس محسن وهيب، أحد مهندسي الميكانيكا بالوزارة، إنه يتم اللجوء للاتحاد المصري للسباحة، للحصول على المقاسات وكل جديد في حمامات السباحة، وبناءً عليه يتم تنفيذ الحمامات.

وتطرق للحديث عن المواصفات القياسية للمياه في هذه الحمامات وقال: «أهم حاجة لازم تكون نسبة مجموعة التنظيف البي اتش 7.، ونسبة الكلور السي إل ١.١»، لافتًا إلى أن مصر لا تسطيع إقامة منظومة التنظيف وخزانات الكلور بالشكل الجيد.
وشرح طريقة عمل منظومة التنظيف قائلًا: «الكلور كمنظومة تقوم على خزان بيلاستك له عامود من الدوران مركب عليه موتور يقوم بتقليب الكلور، لكن مع الوقت يتأكل العامود ويصل الكلور للموتور، فنقوم بنقل الحركة عن الخزان ٥ سم تقريبًا، بجانب فتح منفذ للخزان نحافظ من خلاله على التوزيع بشكل مناسب»، وأشار إلى أن أفضل طريقة لتنقية الماء تكون بالكلور الغازي، لكن أزمته تتمثل في عدم إمكانية التعامل مع التسريب.
ونوه إلى أنه تم إلغاء إقامة فلاتر للمياه بغاز الأوزون: «الأوزون اتلغى في العالم كله من ١٠ سنين بعد اكتشاف تسببه في الإصابة ببقع جلدية وبمرض التينيا»، مضيفًا: «لما الصحة بتيجي بتاخد عينة من الماء وتحللها وليس من الكلور الموجود في الخزان».

7- «السباحة»: الرقابة وقياس النسب مسئولية «الصحة»

يرى المهندس ياسر إدريس، رئيس الاتحاد المصري للسباحة، أن الاتحاد ليس له أي مسئولية عن حمامات السباحة، وأن الأمر برمته يعود إلى وزارة الصحة التي لابد وأن تشرف على الحمام من الناحية الصحية، مشيرًا إلى أن الوزارة تقوم بذلك على فترات متباعدة.
وقال رئيس الاتحاد المصري للسباحة: «حمامات السباحة لا تراقبها سوى الأندية أو مراكز الشباب أو الجهات التي تخضع لها هذه الحمامات»، مضيفًا: «الاتحاد ليس له دور في الرقابة عليها، ومسئول فقط عن تحديد والرقابة على عمق ومقاسات الحمامات في البطولات التي تنظمها الأندية، إلى جانب متابعة أوضاع اللاعبين».
وأضاف: «غير ذلك ليس لنا يد فيه، وحتى الآن لا نعرف النسب الكيماوية الموضوعة في أي حمام، ولا نعرف إذا كانت النسب سليمة من عدمه، لكن دايمًا بنلعب في حمامات كبيرة بنكون متأكدين أنهم بيراعوا النسب، مثل حمام استاد القاهرة، وحمامات النوادي الكبرى كالأهلي والزمالك وغيرهما، ولو حصل أي مشكلة بنوقف البطولة».
ويجدد تأكيده على دور وزارة الصحة قائلًا: «تحديد نسبة الكلور المسموح بها ومراقبة تنفيذ ذلك مسئولية وزارة الصحة الواجب أن تلتزم بها»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى وجود مسئولية تقع على عاتق مرتادي هذه الحمامات تتمثل في الاهتمام بلوائح الحمام من حيث النظافة قبل النزول والاستحمام بعد الخروج من المياه.
ويشير إدريس إلى أن أذنه تعاني من إصابة نتيجة المياه، ويوضح أن «إصابة الأذن دائمة للسباحين.. أنا مصاب من فترة أيضًا»، ونصح المترددين على حمامات السباحة بأخذ حذرهم، والكشف عندما يشعرون بأي آلام.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*