بدأ ظهور وباء عالمي في ديسمبر الماضي بسبب سلالة جديدة من فيروس كورونا تسمى Covid-19، المطورة من فيروس كورونا القديم المعروف بإسم سارس، وفي غضون ثلاثة أشهر تحول إلى جائحة في جميع أنحاء العالم، وقدمت دراسة مستقبلية أعدتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، في نوفمبر 2008، سيناريو مفصل تتبنى تطوراته بطريقة مقلقة للغاية والتحول المقلق للأحداث منذ ظهور الحالات الأولى المصابة بالفيروس الجديد في ووهان بدولة الصين، ووفقًا لوكالة المخابرات المركزية فإن خطر جائحة الفيروس هو القضاء على ثلث سكان العالم.
وسجلت جميع دول العالم حتي اليوم 315263 حالة إصابة من فيروس كورونا، منهم 95 ألف حالة شفاء، وأكثر من 13 ألاف حالة وفاة، من بينهم أكثر من 120 ألف حالة إصابة سُجلت في أوروبا.
بالطبع ليس هناك شك في تغذية أي إطروحة للمؤامرة، لأن الدراسة المعنية لم تكن سرية، وكانت النسخة الرابعة من دراسة مستقبلية أجرتها وكالة المخابرات المركزية، والتي تهدف إلى التنبؤ بالتطورات الرئيسية التي قد يواجهها الوضع العالمي خلال العقدين المقبلين.
وبالفعل في عام 2004، نجحت النسخة السابقة من هذه الدراسة، التي تحمل عنوان “رسم خريطة المستقبل العالمي”، والتي تهدف إلى رسم حالة العالم بحلول عام 2020، في توقع إنشاء “الخلافة الجديدة” قبل ظهور تنظيم داعش بعشر سنوات.
والحديث عن جائحة فيروس كورونا الجديد الذي يجتاح العالم حاليًا هو أحد “السيناريوهات” المذكورة في طبعة 2008 من هذه الدراسة بعنوان “الاتجاهات العالمية 2025 عالم متحول”. ستجد في الصفحة 75 فقرة بعنوان “الظهور المحتمل لوباء عالمي”.
لا يشير السيناريو المذكور إلى عائلة الفيروسات التاجية فحسب، بل إنه يحدد أنه يمكن أن يكون سلالات مختلفة من الإنفلونزا مثل الفيروس التاجي سارس، لكن كوفيد-19 هي واحدة من هذه السلالات والاسم العلمي لـ Covid-19 هو SARS-Cov 2.
ماذا توقع هذا “السيناريو” الذي وضعته وكالة المخابرات المركزية فيما يتعلق بهذا الوباء؟
في البداية، تنبأ السيناريو بأن ظهور مرض تنفسي بشري جديد ومنتقل وخبيث ولا توجد إجراءات مضادة مناسبة له يمكن أن يؤدي إلى جائحة عالمي، ثم فيما يتعلق بطبيعة هذا الوباء والخصائص المعدية له، ويحدد السيناريو أن ظهور مرض وبائي يعتمد على الطفرة الجينية الطبيعية أو إعادة تصنيف سلالات المرض المنتشرة حاليًا أو ظهور مرض جديد بين البشر، ويعتبر الخبراء أن سلالات إنفلونزا الطيور الشديدة الإمراض مثل H5N1، من المحتمل أن تكون مرشحة لمثل هذا التحول، ولكن مسببات الأمراض الأخرى مثل فيروس سارس التاجي أو سلالات الإنفلونزا الأخرى لديها أيضًا هذه الإمكانيات من التطور والتحول لفيروسات أكثر خطورة.
أما عن أسباب إنتشار مثل هذا الفيروس على نطاق عالمي، فإن السيناريو يحذر من أنه إذا ظهر مرض وبائي، فمن المحتمل أن يحدث أولاً في منطقة تتسم بكثافة سكانية عالية وارتباط وثيق بين البشر والحيوانات، مثل مناطق كثيرة في الصين وجنوب شرق آسيا، حيث يعيش السكان على مقربة من الحيوانات، ويمكن أن تسمح ممارسات تربية الحيوانات غير الخاضعة للتنظيم لمرض حيواني مثل H5N1 بالإنتشار في مجموعات الثروة الحيوانية، مما يزيد من فرصة التحول إلى سلالة ذات جائحة محتملة، ولكي ينتشر المرض بشكل فعال، يجب أن ينتقل المرض إلى مناطق ذات كثافة سكانية أعلى.
وحذر السيناريو من أن عدم كفاية القدرة على المراقبة الصحية داخل دولة المنشأ ربما تمنع التعرف المبكر للمرض، وإن الاستجابة البطيئة للصحة العامة من شأنها أن تؤخر الإدراك بظهور مسببات الأمراض عالية الانتشار، وقد تمر الأسابيع قبل الحصول على نتائج مختبرية مؤكدة تؤكد وجود مرض يحتمل أن يكون جائحة، وفي غضون ذلك ستبدأ مجموعات المرض في الظهور في المدن والبلدات داخل جنوب شرق آسيا، على الرغم من القيود المفروضة على السفر الدولي، يمكن للمسافرين الذين يعانون من أعراض خفيفة أو من دون أعراض حمل المرض إلى قارات أخرى.
وفي ضوء الدقة التي يصف بها هذا “السيناريو”، الذي تم وضع في عام 2008، الأحداث التي تتكشف أمام أعيننا منذ ديسمبر الماضي، فإن السؤال الأكثر إثارة للقلق هو معرفة ما يتوقعه بشأن التطورات المستقبلية لوباء كورونا الحالي؟
وعلى الصعيد الجيوسياسي، يحذر “السيناريو” من أنه إذا ظهر مرض وبائي بحلول عام 2025، فإن التوترات والصراعات الداخلية وعبر الحدود ستصبح أكثر احتمالا بينما تكافح الدول للسيطرة على حركة السكان الساعين لتجنب العدوى أو الحفاظ على الوصول إلى الموارد، أما بالنسبة للعواقب الصحية لهذا الوباء، فإن تنبؤات السيناريو صادمة جداً.