بالرغم من إنخفاض نسبة إصابات فيروس كورونا في الولايات المتحدة الامريكية إلا أن جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو (UCSF) كشفت عن ظهور تحور جديد في فيروس كورونا المُستجد، أشد فتكاً وإنتشاراً من السلالات الأخيرة التي ظهرت في بريطانيا وجنوب افريقيا والبرازيل.
وجاء ذلك في الوقت الذي كان يتوقع فيه الخبراء نهاية فيروس كورونا خلال صيف 2021 بعد ضعف الفيروس بتحوراته الأخيرة، ولكن يؤكد لنا فيروس كورونا المُستجد “كوفيد-19” انه مازال لديه أسراره التي يُفاجئ بها العلماء والأطباء كل يوم.
وحذر عالم الأوبئة الأمريكي الدكتور “إريك فيجل دينج”، بشأن ظهور نوع جديد من فيروس كورونا تم تحديده في كاليفورنيا بسهولة بشكل أكبر من السلالة الأصلية، مشيراً الي أنه يسبب مرضًا شديدًا ومقاومًا لكل اللقاحات والأجسام المضادة التي تنتجها أنواع أخرى.
وأوضح “دينج” أن التقرير الذي قام علية علماء في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو (UCSF) يشير إلى أن هناك مجموعة من الطفرات حدثت في الولاية، وجعلت سلالة كاليفورنيا “مثيرة للقلق”، مثل تلك الموجودة في جنوب إفريقيا والبرازيل والمملكة المتحدة.
وحذر “دينج” من انتشار وباءين مختلفين من كوفيد-19، في وقت واحد، قائلاً، “يعتقد كثيرون مع انخفاض الحالات أن الوباء قد انتهى تقريبًا، لكن الحقيقة هي أن هناك الآن نوعان مختلفان من سارس كوف-2، أو (SARS-CoV-2).
وأضاف عالم الأوبئة للديلي ميل، أن السلالة القديمة من فيروس كورونا المُستجد تختفي، بينما تسيطر السلالة المعدية، B117 وستنتشر بشدة قريبا في البلاد.
وحلل الباحثون عينات من أكثر من 2000 عينة تم جمعها من مرضى في كاليفورنيا بين سبتمبر 2020 ويناير 2021، وتشير نتائجهم إلى أن المتغير الجديد أكثر قابلية للانتقال بين 19٪ و 24٪.
كما قال الدكتور تشارلز تشيو ، الباحث في الأمراض المعدية والطبيب في جامعة كاليفورنيا، إن هذا البديل الجديد، المُسمى B.1.427 / B.1.429 من قبل الباحثين، من المحتمل أن يكون مسؤولًا عن 90٪ من الإصابات بالولاية بحلول نهاية شهر مارس المقبل، .
وأضاف تشيو، أن التحليل المبكر يشير إلى أن سلالة B.1.427 / B.1.429 قد تكون أيضًا أكثر فتكًا من السلالات الأخرى.
وقال “تشيو” في تصريع مرعب لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، “إن هذه السلالة هي الشيطان بعينه، وأتمنى لو كان الأمر مختلف، ولكن العلم هو العلم”.
جامعة كاليفورنيا: سلالة بريطانيا وجنوب افريقيا أقل مقاومة للجهاز المناعي
وكانت كشفت دراسات حديثة حول سلالات فيروس كورونا المُستجد الجديدة الناتجة عن حدوث طفرات في تكوينه، وأرعبت العالم خاصة مع سرعة إنتشاره، أن احدي تلك الطفرات أضعفت الفيروس في مواجهة الجهاز المناعي للإنسان وستؤدي الي نهاية الفيروس خلال شهور.
وكان من بين تلك الدراسات، دراسة منشورة بتاريخ 12 يناير 2021، أجراها قسم البيولوجيا الجزيئية والخلوية بجامعة كاليفورنيا ومعهد كاليفورنيا للعلوم البيولوجية الكمية بكاليفورنيا وقسم الفيزياء الحيوية الجزيئية والتصوير الحيوي المتكامل، ومختبر لورانس بيركلي الوطني.
وقال القائمين علي الدراسة إن فيروس كورونا مُتبقى من عمره شهرين، إعتمادا على فرضية بأن هناك مؤشرات تقنية داخل الخلايا البشرية التي تسلل إليها فيروس كورونا في أجساد المصابين توضح ذلك، وفق معدل طفرات الحذف في الشريط الوراثي للفيروس.
وأكدت الدراسة أن زوال الفيروس أمر واقعي، وحتى السلالات الجديدة منه سواء البريطانية أو الجنوب أفريقية هي أضعف وستزول كذلك.
وإعتمد الباحثون على دراسة منطقة الـ ORF8 في فيروس كورونا، التي تعد أهم المناطق في RNA الفيروس، فهي التي تحدد درجة خطورته وفتكه.
وتلعب تلك المنطقة من الفيروس ORF8 دوراً رئيسياً في تثبيط وتمويه جهاز المناعة من خلال إيقاف إنتاج الانتيرفيرون من النوع الأول والسايتوكاين التي تعمل على إيقاف نسخ الفيروس نفسه داخل الخلايا المجاورة.
حيث أنه إذا دخل الفيروس إلى خلية وتكاثر فهناك آلية داخل هذه الخلية تكتشف أنها تعرضت لهجوم فتحفز منطقة في الـ DNA البشري الذي ينتج السايتوكاين الذي يعتبر كرسالة طوارئ للخلايا المجاورة للخلية التي تعرضت للهجوم لتخبرها أنها قد تعرضت لهجوم فيروسي.
وذلك لتبدأ في حماية نفسها بإنتاج الإنترفيرون المضاد للفيروسات والذي يمنع الفيروسات من الدخول إليها والتكاثر فيها.
كما تعمل منطقة ORF8 في الفيروس علي إنتاج بروتين شبيه الهيستون الذي يدخل إلى داخل الجينوم البشري، ويمنعه من إنتاج السايتوكاين.. وبالتالي لا يتم تحذير الخلايا المجاورة فيقوم الفيروس باحتلال كل الخلايا المجاورة، ويتكون الـORF8 من 121 حمضا أمينياً.
لذلك عندما يحدث طفرات حذف في هذه المنطقة يجعل مهمة جهاز المناعة لجسم المُصاب سهلة جداً للسيطرة على الفيروس حيث ان الفيروس يفقد أقوي أسلحته وهو سلاح التمويه والتخفي من جهاز المناعة.
وأوضحت الدراسة أن في السلالات الجديدة المكتشفة في كل من بريطانيا والدنمارك والبرازيل وجنوب أفريقيا واليابان لُوحظ أن منطقة الـORF8 إختفت بالكامل في كل هذه السلالات، وإنقسمت الي منطقتين ORF8a و ORF8b وقد فقدت 382 نيوكليوتايد من مادتها الوراثية وأصبحت أقل قدره علي التخفي من الجهاز المناعي.
وهذا يتفق مع دراسة لجامعة سنغافورة تم نشرها في مجلة لانسيت العلمية، تحدثت أنه من أصيب بالسلالة الجديدة كانت حالتهم بين الخفيفة والمتوسطة، ولم يحتاج أي منهم إلى تدخل بأجهزة التنفس وتمكن جسمه من مقاومة الفيروس والتعافي بدون دخول للرعاية المركزة أو المستشفي.
كما ذكرت دراسة مرفقة من مجلة biorxiv أن فقدان الفيروس لـ382 نيوكليوتايد من مادته الوراثية، تسبب في إتلاف منطقة الـORF8 كاملة وأثر على منطقة الـN التي تنتج بروتينات الغلاف.
وأشارت الدراسة إلى أنه بحسب ما نشر سابقاً عن فيروس السارس كورونا المكتشف في الصين عام 2003 فإن حذف 29 نيوكليوتايد من منطقة الـORF8 كان السبب في اختفاء الفيروس ونهايته.