جدول مواعيد تطعيمات الاطفال
جدول مواعيد تطعيمات الاطفال

لماذا الأطفال أقل ضرراً.. هل يقلل لقاح السل وشلل الأطفال من أضرار فيروس كورونا؟

بينما ينتظر العالم لقاح فيروس كورونا المُستجد المعروف بإسم “كوفيد-19″، يعتقد بعض العلماء أن اللقاح قد يكون موجودًا بالفعل، حيث تشير الأبحاث الجديدة في مجال علم المناعة إلى أن بعض اللقاحات الحية التي كانت موجودة منذ عقود يمكن أن تُعطي الحماية من فيروس كورونا الجديد، وأن هذه اللقاحات يمكن أن تجعل الأشخاص أقل عرضة للإصابة بأعراض خطيرة – أو حتى أي أعراض – إذا أصابها الفيروس.

في أكثر من 25 جامعة ومركزًا سريريًا حول العالم، بدأ الباحثون تجارب سريرية في المقام الأول علي العاملين في الرعاية الصحية الأكثر عرضه للإصابة بالعدوي، لإختبار ما إذا كان لقاح السل الحي المستخدم منذ 99 عامًا والذي يُسمي لقاح BCG، يمكن أن يقلل من المخاطر المصاحبة للفيروس.

وتقوم مجموعة أخرى صغيرة من العلماء بجمع الأموال لإختبار الآثار الوقائية المحتملة للقاح شلل الأطفال الفموي المتداول من 60 عامًا ويسمى O.P.V.

ومن غير المنطقي الإعتقاد بأن اللقاحات القديمة التي تم إختراعها لمحاربة مسببات الأمراض المختلفة يمكن أن تدافع ضد كورونا، وقد تكون الفكرة مثيرة للجدل جزئياً لأنها تتحدى نظرية كيفية عمل اللقاحات.

لكن فهم العلماء المناعة الفطرية قد تغير في السنوات الأخيرة، حيث تشير مجموعة من الأبحاث إلى أن اللقاحات الحية، التي تم صناعتها من مسببات الأمراض الحية ولكن الموهنة على عكس اللقاحات المعطلة، التي صُنعت من مسببات الأمراض الميتة، توفر حماية واسعة ضد العدوى بطرق لم يتوقعها أحد.

وقال جيفري سيريللو، عالم الأحياء الدقيقة وأخصائي المناعة في جامعة تكساس إيه آند إم والذي يقود أحد التجارب علي لقاح السل أو الدرن BCG، “لا يمكننا أن نكون متأكدين بشأن النتيجة التي ستحققها، لكني أشك في أن ذلك سيكون له تأثير على فيروس كورونا، والسؤال هو، كم سيكون حجم تأثيره؟”

ويؤكد العلماء أن هذه اللقاحات لن تكون حلاُ سحرياُ، وقد يجعلون أعراض الإصابة بكورونا أقل حده، لكنهم على الأرجح لن يقضوا عليها، ومن المرجح أن تستمر الحماية التي تمنعها تلك اللقاحات، إذا حدثت، لبضع سنوات فقط، وهذا يُفسر أن الأطفال أقل إصابة بالفيروس واذا أُصيبوا يكونوا بأعراض بسيطه ونسب الشفاء لديهم أعلي بكثير من الكبار.

وقال الدكتور ميهاي نيتيا، عالم المناعة في جامعة رادبود في هولندا، والذي يقود إحدى التجارب الأخرى، “قد تكون هذه خطوة أولى، يمكن أن تكون الجسر حتى يكون لديك الوقت لتطوير لقاح مخصص ضد الفيروس.”

أول دليل يشير إلى أن اللقاحات الحية يمكن أن تكون وقائية على نطاق واسع منذ ما يقرب من قرن من الزمان، أنه في عام 1927، لاحظ كارل نسلوند من جمعية السل السويدية أن الأطفال الذين تم تطعيمهم بلقاح السل الحي كانوا أقل عرضة للوفاة بثلاث مرات لأي سبب مقارنة بالأطفال الذين لم يتم تطعيمهم.

ثم في التجارب السريرية التي أجريت في الأربعينيات والخمسينيات في الولايات المتحدة وبريطانيا، وجد الباحثون أن لقاح السل BCG خفض الوفيات غير المقصودة لأسباب أخرى غير السل بمتوسط ​​25 في المائة.

أيضًا في الخمسينيات، لاحظ الباحثون الروس، بما في ذلك مارينا فوروشيلوفا من أكاديمية العلوم الطبية في موسكو، أن الأشخاص الذين تم إعطاؤهم لقاح شلل الأطفال الحي، مقارنة بالأشخاص الذين لم يحصلوا عليه، كانوا أقل عرضة للإصابة بالانفلونزا الموسمية والتهابات الجهاز التنفسي الأخرى، حيث أجرت هي وعلماء آخرون تجربة سريرية شملت 320 ألف روسي لإختبار هذه الآثار الغامضة بعناية أكبر.

وقال الباحث كونستانتين شوماكوف، نجل فوروشيلوفا ، وهو الآن مدير مشارك للأبحاث في مكتب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، إنهم وجدوا أنه من بين الأفراد الذين حصلوا علي لقاح شلل الأطفال الحي، “انخفض معدل الإصابة بالإنفلونزا الموسمية بنسبة 75 بالمائة”.

وقد أسفرت الدراسات الحديثة عن نتائج مماثلة، وفي مراجعة عام 2016 لـ 68 ورقة بتكليف من منظمة الصحة العالمية، خلص فريق من الباحثين إلى أن لقاح السل BCG، إلى جانب اللقاحات الحية الأخرى، خفض الوفيات الإجمالية بأكثر مما هو متوقع من خلال آثارها على الأمراض التنفسية الأخري.”

وطالما شككت منظمة الصحة العالمية في هذه “الآثار غير النوعية لهذة اللقاحات علي أمراض أخري، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الكثير من الأبحاث التي أجريت عليها تضمنت دراسات قائمة على الملاحظة لا تحدد السبب والنتيجة|، ولكن في تقرير حديث يشتمل على نتائج أحدث من بعض التجارب السريرية، وصفت المنظمة آثار اللقاحات غير النوعية بأنها “معقولة وشائعة”.

وقال الدكتور ستانلي بلوتكين، عالم اللقاحات وأستاذ فخري في جامعة بنسلفانيا الذي طور لقاح الحصبة الألمانية، “يمكن أن تؤثر اللقاحات على الجهاز المناعي بما يتجاوز الاستجابة لمسببات الأمراض المحددة التي صُنعت من أجلها تلك اللقاحات”.

ويأمل بيتر آابي ، عالم الأنثروبولوجيا الدنماركي الذي أمضى 40 عامًا في دراسة الآثار غير النوعية للقاحات في غينيا بيساو، في غرب إفريقيا، أن تكون هذه التجارب نقطة تحول للبحث في هذا المجال ، وقال: “إنها لحظة ذهبية نوعًا ما من حيث أخذ هذه الأمور على محمل الجد”.

إن احتمال أن اللقاحات يمكن أن يكون لها تأثيرات غير محددة هو جبين جزئي لأن العلماء يعتقدون منذ فترة طويلة أن اللقاحات تعمل عن طريق تحفيز نظام المناعة التكيفية عالية الدقة في الجسم.

إقرأ أيضاً: مستند: إصابات ووفيات فيروس كورونا أقل ستة مرات في الدول التي تستخدم لقاح الدرن

نظرياً، بعد تلقي لقاح ضد شلل الأطفال، على سبيل المثال، يقوم جسم الشخص بإنشاء جيش من الأجسام المضادة الخاصة بشلل الأطفال التي تتعرف على الفيروس وتهاجمه قبل أن تتاح له الفرصة، ولا يمكن للأجسام المضادة ضد شلل الأطفال أن تقاوم الإلتهابات التي تسببها مسببات الأمراض الأخرى، لذلك ، بناءً على هذا الإطار ، يجب ألا تكون لقاحات شلل الأطفال قادرة على تقليل المخاطر المرتبطة بالفيروسات الأخرى، مثل فيروسات التاجية.

ولكن على مدى العقد الماضي، إكتشف علماء المناعة أن اللقاحات الحية تحفز أيضًا جهاز المناعة الفطري، الذي هو أقل تحديدًا ولكنه أسرع بكثير، ووجدوا أن الجهاز المناعي الفطري يمكن تدريبه عن طريق اللقاحات الحية لمحاربة أنواع مختلفة من مسببات الأمراض.

على سبيل المثال، في دراسة أجريت عام 2018 ، قام د. نيتيا وزملاؤه بتحصين مجموعة من المتطوعين بلقاح الدرن، ومجموعة أخري بلقاح وهمي، ثم أصابهم جميعًا بنسخة غير ضارة من فيروس الحمى الصفراء، وجد أن أولئك الذين تم إعطاؤهم لقاح الدرن كانوا أكثر قدرة على محاربة الحمى الصفراء.

وتظهر الأبحاث التي أجراها الدكتور نيتيا وآخرون أن اللقاحات الحية تدرب جهاز المناعة في الجسم عن طريق إجراء تغييرات في بعض الخلايا الجذعية، وتبدأ اللقاحات في إنشاء علامات صغيرة تساعد الخلايا على تشغيل الجينات المشاركة في الحماية المناعية ضد مسببات الأمراض المتعددة.

وقال الدكتور روبرت جالو، مدير معهد علم الفيروسات البشرية في كلية الطب بجامعة ميريلاند والمؤسس المشارك لشبكة الفيروسات العالمية، أن هذه المنطقة من المناعة الفطرية هي واحدة من أكثر المناطق سخونة في علم المناعة الأساسية اليوم.

ويقود الدكتور جالو تجربة إختبار لقاح شلل الأطفال الحي كعلاج لفيروس كورونا، ويأمل هو وزملاؤه في بدء تجربة سريرية على العاملين في مجال الرعاية الصحية في مدينة نيويورك وماريلاند في غضون ستة أسابيع.

ولقاح شلل الأطفال الفموي يتم استخدامه بشكل روتيني في 143 دولة، ولكن لم يعد يُستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال الدكتور موشي أرديتي، مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والمناعة في مركز سيدار سيناء الطبي في لوس أنجلوس ، الذي يقود أحد أذرع التجربة، “أن لقاج السل “BCG” قادرًا على تكثيف الاستجابة المناعية الأولية للجسم بطرق تقلل من كمية الفيروس في الجسم مما قد يؤدي ذلك إلى تقليل أعراض الإصابة وسرعة الشفاء”.

ونُشرت أوراق علمية خلال الأشهر القليلة الماضية تدعم فكرة أن لقاح السل أو لقاح الدرن BCG، يمكن أن يحمي ضد فيروس كورونا المُستجد (Covid-19)، وعلي سبيل المثال ، قالت أحد تلك الأوراق العلمية أن معدلات الوفيات أقل في البلدان التي تطعم الأطفال بشكل روتيني منذ الخمسينات مثل اليابان التي تستخدمه منذ عام 1951.

وفي النهاية، ستعطي الإجابة التجارب السريرية فقط، وسيأتي هذا الجواب قريبًا جدًا، حيث أن النتائج الأولية من التجارب الجارية قد تكون متاحة في غضون العام الحالي، فإذا كان هؤلاء الباحثون على حق، فإن هذه اللقاحات القديمة يمكن أن توفر لنا الوقت – وتنقذ آلاف الأرواح – بينما نعمل على تطوير لقاح جديد.